غياب النقد عن مشهد ريادة الأعمال
في أغلب المجالات، نرى النقد حاضراً. هناك نقد في الوسط الفني، السياسي، وفي مجال المشاهير والمؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي، ونقد لاذع في الوسط الرياضي. النقد مسموح ومطلوب، وسقفه عالٍ، وهو ما يسهم في رفع جودة العمل، خاصة إذا كان الهدف منه التحسين والتطوير وليس التجريح أو الإساءة.
في ريادة الأعمال، يعتبر العميل الناقد الأول، إلا أن ملاحظاته غالبًا ما تفتقر إلى العمق المطلوب لتحسين المنتج أو الخدمة. علاوة على ذلك، قد تأتي هذه الانتقادات في توقيت غير مناسب، مما يؤدي إلى أضرار كان بالإمكان تجنبها. يمكن تفادي هذه المشكلة من خلال وجود ثقافة نقد مبنية على آراء متخصصين تُطرح في مراحل مبكرة، ما يساهم في معالجة المشكلات قبل تفاقمها. وكثيراً ما تتجه تقييمات العملاء نحو العاطفة، فتبدو سطحية أو غير موضوعية: “منتجكم رائع، لكنني سأعطي نجمتين لأن اللون لم يعجبني”، أو “خدمة ممتازة تستحق خمس نجوم” دون تفسير واضح يساعد الشركات على التحسين، وإذا كنت محظوظاً، قد يوجهك مرشدك ويوفر لك التوجيهات اللازمة وينقل إليك خبراته.
المجتمعات الريادية اليوم كثيرة، ومع ذلك، غالباً ما تقتصر نقاشاتها حول القضايا والأحداث اليومية على مجموعات الواتساب أو أحاديث عابرة في الديوانيات أو المجالس.هذا الغياب للنقد المتخصص يترك فجوة كبيرة في المنظومة. فالنقد المهني الذي ينبع من أصحاب الخبرة، سواء كانوا مستثمرين، مطورين، أو رواد أعمال آخرين، يساهم في تقييم المشاريع الناشئة بشكل أكثر وضوحاً واحترافية، مما يسرع من تطورها ويرفع نسبة نجاحها، علما بأن حتى المشاريع الناجحة بحاجة إلى هذا النوع من النقد البناء لتحسين تجربة العميل بشكل أفضل والتميز في تقديم الخدمة أو المنتج.
الوسط الريادي بحاجة إلى نقد بناء من متخصصين في المجال، ليكونوا بمثابة البوصلة التي يحتاجها رواد الأعمال في جميع مراحل ورحلة المشروع. على رواد الأعمال أن يتعاملوا مع النقد بإيجابية، ويعتبرونه فرصة للتعلم والاستفادة، فهو يمثل خلاصة خبرات وتجارب يقدمها المتخصصون على طبق من ذهب لنقل المعرفة إلى جيل جديد من الطامحين في عالم ريادة الأعمال.