لقراءة المقالة باللغة الإنجليزية اضغط هنا English (الإنجليزية)
-
بناء الفريق، الثقافة المؤسسية، والتنظيم الداخلي أهم من الفكرة أو التمويل وحدهما.
-
الموارد البشرية هي أساس بقاء ونمو الشركات الناشئة.
-
التكنولوجيا تغير قواعد اللعبة في الإدارة والموارد البشرية، والقانون المصري يعترف بذلك رسميًا.
في بيئة ريادة الأعمال، غالبًا ما ينشغل المؤسسون بالنمو السريع، ,جذب المستثمرين، وتحقيق الانتشار. لكن مؤتمر HR for Startups جاء ليذكرنا أن النجاح الحقيقي لا يُبنى فقط على الأفكار أو التمويل، بل على الإنسان أولًا.
من خلال سلسلة من الحوارات الملهمة التي أجراها فريق entArabi مع خبراء الموارد البشرية وإدارة الشركات الناشئة، خرجنا برسائل محورية تستحق التأمل، نلخّصها في هذه التغطية الخاصة.
مروة أغا: العلامة التجارية تبدأ من الداخل، من عيون الموظفين
في حديثها خلال المؤتمر، سلطت الدكتورة مروة أغا المحاضِرة في الجامعة الألمانية وجامعة إسلسكا الفرنسية، والحاصلة على عدد من الدبلومات المتخصصة، الضوء على نقطة محورية يغفل عنها كثير من المؤسسين، وهي أهمية بناء صورة قوية للشركة في نظر موظفيها.
أوضحت أن معظم الشركات تركّز على الهوية المؤسسية الخارجية (Corporate Branding)، باعتبارها وسيلة للتواصل مع العملاء والمستثمرين، لكن ما يُغفل غالبًا هو الـ(Employer Branding)، أي كيف يرى الموظفون شركتهم من الداخل.
“الهوية المؤسسية تخاطب العميل، لكن الهوية كجهة عمل تخاطب الموظف. كيف يراني فريقي؟ هل شركتي في مكان يستحق الانضمام إليه؟ هل أقدم لهم فرص نمو حقيقية؟ هذه الأسئلة لا تقل أهمية عن المبيعات أو التسويق.”
واختتمت الدكتورة مروة حديثها برسالة موجّهة لرواد الأعمال، جاء فيها:
“من المهم أن تحيط نفسك دائمًا بنماذج ناجحة تتعلم منها. احرص على تطوير ذاتك باستمرار، وكن على اطلاع بما هو جديد، ولا تتردد في الاستفادة من تجارب الآخرين وأخطائهم قبل أن تمر بها بنفسك.”
مروان مختار: التطوير المؤسسي ليس رفاهية، بل ضرورة مبكرة
أما مستشار الأعمال مروان مختار المتخصص في دعم الشركات الناشئة والمشروعات الصغيرة فشدد على أهمية التطوير المؤسسي (Organization Development) كخطوة تأسيسية لا تقل أهمية عن تطوير المنتج أو خطة التسويق.
وقال في حديثه لإنت عربي:
“كثيرون يتصورون أن تطوير الهيكل الداخلي والثقافة المؤسسية يأتي في مراحل متقدمة، بينما هو في الحقيقة أحد الأعمدة الأساسية منذ اليوم الأول.”
كما وجه نصيحة مباشرة لرواد الأعمال بضرورة تعزيز فهمهم للجوانب المالية، موضحًا أن ضعف هذا الجانب يعد من الأسباب الشائعة لفشل الشركات الناشئة:
“من الضروري أن تعززوا فهمكم للجوانب المالية. فالموضوع لا يقتصر على إدارة التدفقات النقدية فقط، بل يشمل رؤية شاملة تساعد على اتخاذ قرارات استراتيجية. كثير من المؤسسين يبرعون في التسويق، لكنهم يعانون من ضعف في إدارة الموارد المالية، وهذا أحد الأسباب الشائعة لفشل الشركات الناشئة.”
هبة شقوير: التوظيف ليس قرارًا فرديًا،بل عملية استراتيجية
بخبرة تمتد لأكثر من 25 عامًا في مجالي التدريب والموارد البشرية، شددت الدكتورة هبة شقوير مستشارة الموارد البشرية على التحدي الكبير الذي يواجهه رواد الأعمال عند المفاضلة بين جذب الكفاءات والالتزام بالميزانية.
أوضحت خلال مشاركتها في مؤتمر HR for Startups أن كثيرًا من رواد الأعمال يقعون في فخ التوظيف العشوائي نتيجة غياب التخطيط:
“عندما تكون الرؤية واضحة، تقل فرص التوظيف الخاطئ، الذي يُعد خسارة حقيقية على المدى الطويل. المسألة لا تتعلق فقط بالمهارات، بل بمدى توافق الشخص مع احتياجات الشركة في مرحلتها الحالية.”
واختتمت حديثها بنصيحة مباشرة لرواد الأعمال:
“إذا لم تكن لديك خطة واضحة من البداية، فابحث عن من يضعها لك. لا يصح أن تبدأ شركة دون أن تعرف من تحتاج لتوظيفه، أو كيف تختار فريقك. بناء الشركة هو عملية متكاملة، تبدأ من وضع الخطة وتنتهي باختيار الفريق المناسب، ولا يمكن إتمامها دون متخصص.”
محمد مصطفى: لا تقع في حب فكرتك … فالفكرة وحدها لا تكفي
محمد مصطفى الرئيس التنفيذي لشركة Outsourcy والمدرب في مجال ريادة الأعمال لم يكن مجرد متحدث في مؤتمر HR for Startups، بل كان صاحب المبادرة التي جمعت هذا العدد من الخبراء ورواد الأعمال تحت سقف واحد.
وعن الدافع وراء تنظيم هذا الحدث، أوضح أن الفكرة جاءت من احتكاكه اليومي مع مؤسسي الشركات الناشئة، الذين يواجهون فجوات واضحة في فهم إدارة الموارد البشرية:
“الكثير من المؤسسين لا يعرفون كيف يكتبون توصيفًا وظيفيًا، ولا يملكون خطة واضحة للتوظيف، أو حتى فهمًا حقيقيًا لتطوير المنظمات. مع تصاعد موجة الستارتابس في مصر، والتمويلات المتزايدة من جهة، وموجات التسريح من جهة أخرى، أدركنا أهمية تقديم محتوى يُثري هذه الشريحة من المؤسسين.”
وفي حديثه عن محاضرته خلال المؤتمر، ركز محمد على أهم 10 أسباب لفشل الشركات الناشئة، بالاعتماد على بيانات موثقة من موقع “مقبرة الشركات الناشئة”، مسلطًا الضوء على أسباب جوهرية يتجاهلها كثير من المؤسسين في بداية الطريق.
كما قدم نصيحة صريحة لرواد الأعمال:
“لا تقع في حب فكرتك. كثير من المؤسسين يندفعون في تنفيذ مشروعهم دون التحقق من صلاحيته أو تقييمه بموضوعية. لا تنسَ أن النجاح يحتاج فريقًا قويًا، وخطة لتعويضهم، وتدريبهم، وتحفيزهم. الموارد البشرية ليست أمرًا ثانويًا، بل أحد الأعمدة الثلاثة التي يقوم عليها أي مشروع ناجح، إلى جانب العمليات (Operations) والإدارة المالية.”
وختم حديثه بجملة تلخص رؤيته في ريادة الأعمال:
“رأس مالك الحقيقي ليس التدفقات النقدية… بل الأشخاص الذين تبني معهم هذا المشروع.”
محمد أبو خضرة: حلول ذكية من شركة مصرية لدعم الموارد البشرية في الشركات الناشئة
في كلمته خلال مؤتمر HR for Startups، قدم محمد أبو خضرة رئيس تطوير الأعمال في شركة Engaz AI تجربة حية لما يمكن أن تقدمه التكنولوجيا لخدمة قطاع الشركات الناشئة، خاصة في مجال إدارة الموارد البشرية.
تُعد Engaz AI شركة مصرية 100%، متخصصة في تقديم حلول ذكية تدعم الشركات الصغيرة والستارتابس في التغلب على التحديات اليومية. وقد أشار أبو خضرة إلى أن من أبرز هذه التحديات: إدارة الحضور، والعمل الهجين بين المكتب والمنزل، وتنظيم المهام، وهي مشاكل تعاني منها الكثير من الفرق الناشئة.
وأوضح أن الشركة تقدم نظامًا ذكيًا يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، يتيح للشركات تنظيم عمليات الحضور والمتابعة بسلاسة وبتكلفة رمزية، مع مراعاة خصوصية وطبيعة السوق المصري.
واختتم حديثه برسالة بسيطة ولكن بالغة التأثير لرواد الأعمال:
“لا تقع في حب منتجك، بل اجعل ولاءك الحقيقي لعميلك. هو من يمنحك الاستمرارية، وهو من يجب أن تُصمم من أجله كل خطوة في مشروعك.”
وائل حسام: التحول الرقمي يعيد تشكيل إدارة الموارد البشرية
بخبرة تمتد لأكثر من 30 عامًا، منها 25 عامًا في مناصب إدارية عليا، يجمع الدكتور وائل حسام بين المعرفة الأكاديمية والتطبيق العملي. يحمل ماجستيرًا في الموارد البشرية ودكتوراه في التحول الرقمي (Digital Transformation)، وهو أحد الأصوات البارزة في فهم العلاقة المتغيرة بين التكنولوجيا والموارد البشرية.
في كلمته خلال مؤتمر HR for Startups، ناقش د. وائل كيف أن العالم يشهد ثورة جديدة تقودها تقنيات الذكاء الاصطناعي، معتبرًا أن الذكاء الاصطناعي لا يلغي دور الإنسان، بل يعزز قدراته ويعيد تشكيل طريقة عمله.
وأشار إلى أن التحول الحاصل لا يغير أدوات العمل فقط، بل يُعيد تعريف مفاهيم الإدارة والقيادة نفسها، قائلًا:
“الإدارة تتغير، والقيادة تتغير، وأدوار الموظفين تتغير. من الضروري أن ندرك كيف سيتحول دور الموارد البشرية في المرحلة المقبلة، وأن نعيد التفكير في المهارات المطلوبة، خصوصًا من قِبل الإدارة العليا التي تتحمّل مسؤولية توجيه المؤسسة.”
وقد عبّر عن إيمانه بإمكانيات العقول العربية، خاصة المصرية، مشيرًا إلى أننا نمتلك إبداعًا حقيقيًا وقدرات بشرية جبارة، لكننا بحاجة إلى أن نضع هذا الإبداع داخل منظومات مؤسسية واضحة كي نحقق مردودًا كبيرًا للعالم العربي بأسره.
واختتم حديثه بنصيحة واضحة لرواد الأعمال:
“أهم مهارة يحتاجها أي رائد أعمال اليوم هي مهارة التعلم المستمر. لا يوجد عمر للتعلم … حتى وإن بلغت الثمانين، لا تتوقف عن اكتساب المعرفة، فهي رأس مالك الحقيقي في هذا العصر المتغير.”
وائل فرغلي: الامتثال القانوني لم يعد خيارًا… التكنولوجيا دخلت قانون العمل
بخبرة تمتد لعشرين عامًا في مجال الموارد البشرية، قدم وائل فرغلي — مدير شؤون العاملين في شركة حديد عز نظرة قانونية مهمة خلال مشاركته في مؤتمر HR for Startups، متناولًا التغيرات الجوهرية التي طرأت على قانون العمل المصري الجديد، خاصة فيما يتعلق بالتكنولوجيا.
أوضح أن التشريعات الجديدة تعكس تحولًا نوعيًا في رؤية الدولة لدور التكنولوجيا في إدارة الموارد البشرية، مشيرًا إلى أن القانون القديم كان يُلزم الشركات بالاحتفاظ بـ”الملف الورقي” لكل موظف، أما القانون الجديد فقد اعترف رسميًا بالملف الإلكتروني، مما يواكب التطورات الرقمية داخل بيئات العمل الحديثة.
وفي ختام حديثه، وجه رسالة مباشرة لرواد الأعمال:
“نرجو من أصحاب الشركات الامتثال الكامل للتشريعات. الدولة تتجه بقوة نحو الرقابة الإلكترونية، وكل شيء بات موثقًا ومرصودًا من الجهات العليا. لا مجال للتهرب أو الإهمال … التنظيم القانوني لم يعد إجراءً شكليًا بل ضرورة لحماية مشروعك.”
محمود سعيد: المعرفة بالموارد البشرية يجب أن تكون متاحة لكل رائد أعمال
صرح محمود سعيد، خبير العلاقات العامة والمنظم لمؤتمر HR for Startups، أن القيمة الحقيقية لهذا الحدث تكمن في سد فجوة كبيرة في وعي رواد الأعمال تجاه مجال الموارد البشرية، خاصةً أولئك الذين يعملون بإمكانيات محدودة.
وقال:
“المؤتمر كان موجهًا بشكل مباشر لأصحاب الشركات الناشئة، لمساعدتهم على فهم أقسام الموارد البشرية وكيفية الاستفادة من كل قسم حتى في ظل محدودية الموارد.”
وأشار إلى أن العديد من رواد الأعمال يتعاملون مع الموارد البشرية على أنها عبء أو تكلفة، بينما هي في الحقيقة أصل استراتيجي يولّد قيمة إذا أُحسن استخدامها. وقد هدف المؤتمر إلى تغيير هذا المفهوم من خلال تبسيط المفاهيم وتقديم محتوى عملي في مجالات مثل التوظيف، والتطوير، والامتثال، وإدارة الأداء، وبناء الثقافة المؤسسية.
الإنسان قبل الاستثمار
في النهاية، يؤكد مؤتمر HR for Startups على حقيقة لا غنى عنها: لا تُبنى الشركات على الأفكار وحدها، ولا يستمر النجاح بدون فرق عمل حقيقية، ولا يعوض التمويل غياب التنظيم الداخلي.
من كل تجربة ولقاء في المؤتمر، تكررت نفس الرسالة:
الموارد البشرية ليست وظيفة داعمة، بل ركيزة أساسية لبناء مشروع مستدام.
