فلسفة اللايقين: حوار مع الدكتور نسيم نقولا طالب عن الحياة والاقتصاد العالمي
في حياتنا اليومية، نجد أنفسنا نواجه العديد من الأمور غير المتوقعة، تلك اللحظات التي تجعلنا نتساءل: كيف يمكننا التعامل مع المجهول؟ الدكتور نسيم طالب، أحد أبرز المفكرين العالميين، يرى أن اللايقين ليس عدوًا، بل هو جزء أساسي من الحياة، ومن خلال فهمه يمكننا التعامل مع التحديات بشكل أفضل.
في مقابلة طلال ال حمّاد، رئيس تحرير منصة إنت عربي، مع الدكتور نسيم طالب خلال فعاليات مؤتمر ميغا كامبوس، شاركنا الدكتور طالب أفكاره العميقة حول فلسفة اللايقين، وكيف يمكن للأحداث غير المتوقعة أن تغير حياتنا.
طلال ال حمّاد: أهلاً وسهلاً دكتور نسيم، شرف لنا أن نلتقي بك. لاحظنا أنك تصر على التحدث باللغة العربية، ما السبب؟
الدكتور نسيم طالب: نعم، أصر دائمًا على التحدث بلغتي. نحن في بلاد الشرق الأوسط، ومن المهم أن نعبر عن أفكارنا بلغتنا الأم.
طلال ال حمّاد: في البداية، ما رأيك بفكرة اللايقين كجزء من فلسفة الحياة؟
الدكتور نسيم طالب: اللايقين هو جوهر الحياة. الإنسان لا يدري متى يرحل عن هذه الدنيا. في صناعة الأفلام، على سبيل المثال، تجد أن المشاهد دائمًا ما يترقب النهاية لأنها تجيب على كل التساؤلات. التعامل مع اللا يقين هو جزء لا يتجزأ من تاريخنا في الشرق الأوسط. نحن نفكر في هذا الموضوع منذ آلاف السنين.
طلال ال حمّاد: وكيف ترى دور اللايقين في الحضارات الشرقية؟
الدكتور نسيم طالب: في حضاراتنا القديمة مثل بابل والفينيقيين، وحتى في الجزيرة العربية، كنا نولي أهمية كبيرة للتعامل مع اللايقين. قوانين حمورابي، على سبيل المثال، كانت تهدف إلى خلق توازن بين الأطراف التجارية. إذا غرق مركب تجاري، كان صاحب السفينة وصاحب البضاعة يتشاركان في تحمل الخسائر. هذه الفكرة استمرت لآلاف السنين، ونحن في الشرق متقدمون في فهم هذه المواضيع مقارنة بالغرب.
طلال ال حمّاد: كتابك “البجعة السوداء” يتحدث عن الأزمات غير المتوقعة. كيف ترى تأثير هذه الأزمات؟
الدكتور نسيم طالب: الأزمات غير المتوقعة لها تأثير أكبر بكثير من الأزمات المتوقعة. في الكتاب، أتحدث عن أهمية أن يكون لدينا نظام قادر على تحمل اللامتوقع. هذا يشمل المستثمرين والسياسيين والإدارات المختلفة. لا يمكننا التنبؤ بما سيحدث، لكن يمكننا بناء أنظمة تكون أقل هشاشة وأكثر مرونة في التعامل مع الأزمات
طلال ال حمّاد: كيف ترى العلاقة الحالية بين الولايات المتحدة والصين؟
الدكتور نسيم طالب: العلاقة بين أمريكا والصين معقدة جدًا. الإعلام غالبًا ما يضخم الأمور، لكن في الحقيقة، أمريكا تعتمد بشكل كبير على الاقتصاد الصيني. لو توقفت الصين عن تصدير منتجاتها إلى الولايات المتحدة، ستتأثر أمريكا بشكل كبير، وسيحدث تضخم مالي ضخم كما رأينا عام 2022. العلاقة بين البلدين مثل علاقة المستعمِر بالمستعمَر، لكن بشكل اقتصادي.
طلال ال حمّاد: إذًا، هل ترى أن الصين أقوى اقتصاديًا من أمريكا؟
الدكتور نسيم طالب: بالتأكيد. الصين لا تنمو وحدها، بل تجذب معها دولًا أخرى في المنطقة مثل الفلبين وفيتنام والهند. على العكس من ذلك، أمريكا تواجه صعوبات في الحفاظ على نفوذها الاقتصادي.
طلال ال حمّاد: ما رأيك في التضخم المالي الحالي؟
الدكتور نسيم طالب: التضخم المالي الحالي لا يؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد، لكنه يشكل تحديًا للمستثمرين والسياسات المالية. النمو الاقتصادي العالمي لم يعد يعتمد على أمريكا كما كان في السابق. حصة أمريكا من الاقتصاد العالمي تقلصت إلى أقل من 15%، بينما دول البريكس، مثل الصين والهند والبرازيل، تشكل الآن أكثر من 40% من الاقتصاد العالمي.
طلال ال حمّاد: كيف ترى تأثير هذه التحولات على النظام العالمي؟
الدكتور نسيم طالب: العالم يتحرك نحو الشرق. الطريقة التي تتبعها الصين تختلف تمامًا عن الطريقة الغربية. الغرب كان يتبع سياسة “فرق تسد”، بينما الصين تتبع سياسة “اجمع تسد”. هم يعملون على بناء علاقات متينة مع جيرانهم من أجل تعزيز التجارة والاستقرار. هذه الفلسفة الكونفوشيوسية تساعد على خلق تناغم اقتصادي في المنطقة.
طلال ال حمّاد: هل ترى أملًا في تحقيق توازن اقتصادي عالمي؟
الدكتور نسيم طالب: نعم، بالتأكيد. إذا عملت الدول على تحقيق تنسيق وتناغم اقتصادي، يمكن أن نرى عالمًا أكثر استقرارًا. لكن هذا يتطلب أن تكون هناك إرادة سياسية واقتصادية لتجنب الصراعات وخلق بيئة متوازنة للجميع.