الشركات الناشئة

لماذا تفشل الشركات التقنية الناشئة؟

ظافر القحطاني يكشف أسباب تعثر الشركات الناشئة

لماذا تفشل شركات التقنية الناشئة؟

من المواضيع الهامّة والحسّاسة، والتي لا تُناقَش بكثرة وبعمق كافٍ في بيئة منظومة شركات التقنية الناشئة أو حتى في زيادة الوعي بها لدى المؤسِّسين الجدد، موضوع حالات الفشل والخروج من المنظومة كليًّا، التي تصل إلى حوالي 90 % عالميًّا، وبالذات في السنوات الثلاث الأولى من عمر الشركة، سواءً فشلها في الانطلاق في مراحل مبكرة أو عدم الاستطاعة في الاستمرار والتوسّع في مراحل متقدمة من عمرها القصير. لهذا فإنّ هاجس الفشل حاضر دائمًا بقوّة في ذهن المؤسِّسين والمستثمرين سواسية، لكون حدوثه هو المرجَّح، مما يفرض عليهم الرصد المستمر واستيعاب احتمال حدوثه للتقليل من حصوله قدر الإمكان، مع الاستمرار في التوعية والتثقيف لدعم نمو منظومة شركات التقنية الناشئة ورفع معدلات نجاحها قدر الإمكان.

من المؤكد أن إطلاق شركة تقنية ناشئة هو رحلة مثيرة، مليئة بالطموح والإبداع ووعدٍ بالابتكار، يتخللها العديد من الكبوات والتعقيدات من حين إلى آخر. ومع ذلك، وعلى الرغم من أفضل النوايا والعمل الجاد والساعات الطويلة، تواجه الكثير من الشركات التقنية الناشئة صعوبات كبيرة في البقاء والاستمرار في تطوير منتجها أو خدمتها، مع الاحتمالية العالية لفشلها. لهذا لا بد من فهم الأسباب الشائعة والمتكررة وراء فشل الشركات التقنية الناشئة لمساعدة روّاد الأعمال والمؤسسين الجدد على رصد وتجنّب هذه العقبات والعوامل لبناء مشروع أكثر استدامة، مع التأكيد على أهمية العامل البشري وجودته الذي يُعَدّ ركيزة أساسية للتعامل مع هذه العوامل.

هناك العديد من عوامل الفشل التي تساهم في هذه الإخفاقات، من سوء الإدارة المالية إلى عدم توافق المنتج أو الخدمة مع السوق، وهو ما سيتم استعراض معظمها أدناه دون ترتيب معيّن لتفادي تهميش بعض العوامل التي قد يرى البعض أنها غير هامّة، وهو مغاير للواقع. لهذا سيتم تسليط الضوء على الأسباب الأكثر شيوعًا وحدوثًا لفشل الشركات التقنية الناشئة، سواءً التي عشتها شخصيًّا أو تعاملت معها كمرشد أو مستشار أو اطّلعت عليها، والتي آمل أن تساعد المؤسسين الجدد والحاليين على تجنّبها والوقاية من هذه العقبات والعوامل بشكل أكثر فعالية وسرعة معالجة، وهي كالتالي:

1- عدم وجود حاجة في السوق
العديد من الشركات التقنية الناشئة تبتكر منتجات أو خدمات دون فهم عميق ودقيق للطلب في السوق، أو تقودها العواطف والقراءة الخاطئة. هذا غالبًا ما ينبع من قلّة البحث والدراسة التفصيلية للسوق والتواصل المباشر مع المستخدم النهائي. بناء منتج أو خدمة لا يحلّ مشكلة أو معاناة كبيرة أو لا يلبّي احتياجات عددٍ كافٍ من الجمهور يمكن أن يؤدي إلى تبنٍّ محدود لهذا المنتج أو الخدمة ولاحقًا فشله. لهذا من المهم جدًّا التحقّق من احتياجات السوق من خلال المقابلات والاستبيانات والبرامج التجريبية قبل الاستثمار بشكل كبير في تطوير المنتج أو الخدمة.

2- نفاد السيولة النقدية
تحتاج الشركات التقنية الناشئة إلى إدارة معدل إنفاقها بعناية، وبالأخص معدل حرق السيولة. التقديرات المبالغ فيها للإيرادات والمنخفضة للنفقات يمكن أن تؤدي إلى مشكلات مالية غير سارّة وبالتالي إلى الفشل على المدى القصير والمتوسط. لهذا من الضروري وجود خطة مالية واضحة وتأمين التمويل الكافي في الوقت المناسب لضمان الاستمرارية بحدّ أدنى 18 شهرًا أو أكثر، مع المراجعة المالية الشهرية والربع سنوية باستمرار وتبنّي استراتيجيات استباقية على ضوء التدفقات النقدية المتوقعة.

3- عدم الكفاءة
يشمل ذلك نقص الخبرة أو المهارات والممارسة في المجالات الرئيسية مثل إدارة الأعمال والتخطيط المالي والتسويق. قد يكون لدى المؤسسين أفكار رائعة ومبتكرة ومهارات تقنية عالية، ولكنهم قد لا يمتلكون المهارات اللازمة لتنفيذها بنجاح. لتجاوز هذه المشكلة، لا بد من بناء فريق متمكّن ذو خبرة وعمق في القطاع المستهدف لدعم الفريق التقني، بجانب عدم التردد في طلب الإرشاد الصحيح من مرشدين ذوي معرفة بنشاط الشركة التقنية الناشئة، مع المحافظة على الاستمرار في التعلّم وعدم التباطؤ في طلب المشورة من ذوي الاختصاص والخبرة.

4- عدم توافق المنتج أو الخدمة مع السوق
حتى إذا كانت هناك حاجة ملحّة في السوق، يجب أن يتوافق المنتج أو الخدمة مع هذه الحاجة بشكل مثالي وجذاب، إذ يتطلب ذلك الحصول على ملاحظات مستمرة من المستخدمين المبكرين وإجراء تحسينات مستمرة قد تكون جذرية على المنتج أو الخدمة ابتداءً من مرحلة الفكرة ومرورًا بالحد الأدنى للمنتج أو الخدمة إلى مرحلة الإطلاق في السوق وتحقيق الإيرادات. إجراء اختبارات وبحوث وجمع ومراجعة تعليقات المستخدمين وإجراء التعديلات باستمرار يمكِّن من تحقيق ملاءمة المنتج أو الخدمة للسوق، إذ إن تجاهل تعليقات وتوصيات المستخدمين سيفشل المنتج أو الخدمة لعدم التجاوب السريع مع توقعاتهم.

5- فريق غير قوي
يتطلب بناء شركة تقنية ناشئة فريقًا قويًّا متمرّسًا يتمتع بمهارات متنوعة ومتكاملة، بجانب التناغم والانسجام في الرؤية والاستراتيجية. من المؤكد أن يؤدي ضعف الفريق وعدم التوافق إلى تنفيذ غير فعّال وضياع الفرص على الشركة التقنية الناشئة. لهذا لا بد من تبنّي ممارسات وسياسات توظيف فعّالة ومتقدمة، وأنشطة بناء فريق عمل حيوي وفعّال، بجانب تعزيز ثقافة التعاون والتعلّم في تكوين هذا الفريق. ويتم ذلك من خلال توظيف أفراد محترفين واستقطاب مهارات مميزة تضيف قيمة وعمقًا وتتوافق مع رؤية وأهداف الشركة.

6- الاحتراق الوظيفي وتدنّي الحافز للاستمرار
بطبيعة شركات التقنية الناشئة، يعمل المؤسسون تحت ضغوط عالية ومستمرة وساعات طويلة مع توقّعات عالية، ما يسبب الإرهاق وانخفاض الإنتاجية والاحتراق الوظيفي وفقدان الحافز المعنوي أحيانًا، وبالتالي العجز عن الاستمرار في إدارة الشركة، ومن ثم فشلها. تولّي المؤسسين أدوارًا متعددة وعدم تفويض وتوزيع المهام لفريق العمل سيؤدي تدريجيًّا إلى الإرهاق وفقدان الدافع والشغف للاستمرار وضعف الحافز والاهتمام بتطوير أعمال الشركة، وبالتالي فشلها حتى مع وجود الموارد المالية الكافية.

7- التوقيت السيئ
التوقيت يمكن أن يُنْجح أو يُفشل الشركة التقنية الناشئة. إطلاق المنتج في وقت مبكر جدًّا يمكن أن يؤدي إلى عدم جاهزية العملاء، في حين أن إطلاقه في وقت متأخر يمكن أن يعني فقدان فرصة السوق. القراءة الثاقبة ومعرفة توجهات السوق وجاهزية العميل، وبالتالي التخطيط للإطلاق وفقًا لذلك، أمر بالغ الأهمية. إجراء تحليل للسوق والاستعداد لسيناريوهات مختلفة سيساعد في التوقيت الصحيح لإطلاق المنتج أو الخدمة بشكل أفضل.

8- نموذج عمل فيه خلل
نموذج عمل، أو الحد الأدنى له، لا يولّد إيرادات كافية أو غير قابل للتطوير، أو حتى الضعيف جدًّا، يمكن أن يكون سببًا لفشل الشركة التقنية الناشئة. لهذا من الضروري اختبار وتأكيد نموذج العمل مبكرًا جدًّا لضمان استدامته على المدى الطويل، كذلك من المهم إعداد خطة عمل قوية وتفصيلية واختبار نماذج إيرادات مختلفة في السوق، مع توفر المرونة في اعتماد نموذج عمل معدّل أو مختلف بناءً على توجهات وردود فعل السوق وجاهزية المستخدمين.

9- تسويق غير فعّال
من دون استراتيجية تسويق قوية ومحكمة، يمكن أن يفشل أفضل منتج أو خدمة تقدّمها الشركة التقنية الناشئة. لهذا يجب أن يشمل التسويق الفعّال فهم الجمهور المستهدف والمستخدم النهائي، وصياغة رسائل مقنعة، واستخدام القنوات المناسبة للوصول إلى العملاء المحتملين. ويتم ذلك بالاستثمار في بحوث التسويق وإعداد خطة تسويق شاملة وتفصيلية، بجانب المراجعة المستمرة والمنتظمة واعتماد استراتيجياتها لتعزيز فعاليتها.

10- عدم القدرة على التغيير الاستراتيجي
يجب على الشركات التقنية الناشئة أن تكون مستعدة لتغيير الاتجاه بعيدًا عن العواطف، بناءً على ملاحظات السوق والنتائج السلبية، إذ إن الإصرار على فكرة فاشلة، سواءً كانت منتجًا أو خدمة، سيؤدي إلى إهدار الموارد والفشل في النهاية. بالمقابل، الشركات التقنية الناشئة الناجحة غالبًا هي التي تنفّذ التغيير الاستراتيجي بفعالية وسرعة عندما يتوجّب ذلك. إجراء تحليل منتظم للسوق والاستعداد لتقبّل الملاحظات والاقتراحات، بجانب وجود عملية مرنة، سيُحقِّق تغييرًا استراتيجيًّا في الوقت المناسب لتفادي الفشل.

11- المشكلات القانونية والتنظيمية
يمكن أن يكون التحرك في المشهد القانوني والتنظيمي والتشريعي تحديًا كبيرًا، خاصة في القطاعات ذات البيئات التشريعية مثل التقنية المالية والاستثمارية أو الاتصالات أو الرعاية الصحية أو الأمن السيبراني. إن الفشل في الامتثال للقوانين والتشريعات أو التقليل من شأنها يمكن أن يؤدي إلى غرامات مالية باهظة، ودعاوى قضائية، ولاحقًا إغلاق للنشاط بالكامل. لهذا يلزم الحصول على مشورة قانونية ومتابعة التحديثات للتشريعات ذات العلاقة لضمان الالتزام والمطابقة لهذه التشريعات، ولتفادي الهفوات القانونية والتشريعية.

12- خدمة عملاء سيئة
رضا العملاء أمر بالغ الأهمية للاحتفاظ بهم ودعم التوصيات والتسويق الشفهي، إذ إن إهمال خدمة العملاء سيؤدي إلى ملاحظات وتعليقات سلبية، وفقدان العملاء، وبالتالي تضرر سمعة العلامة التجارية وتدهور الطلب على المنتج أو الخدمة للشركة التقنية الناشئة. لهذا من المهم الاستثمار في تدريب وبناء فرق دعم وخدمة العملاء، وإنشاء ثقافة وبيئة تتمحور حول العميل وخدمته، وجمع وتحليل الملاحظات بانتظام واتخاذ إجراءات بناءً على هذه المعطيات ومخرجاتها، مما سيعزز جودة خدمة العملاء ومستوى رضاهم.

13- توسّع سريع
التوسع السريع دون وجود أساس قوي وصلب سيرهق موارد الشركة التقنية الناشئة. لهذا من المهم جدًّا أن تنمو بوتيرة يمكن إدارتها، مع ضمان قدرة العمليات المساندة ودعم وخدمة العملاء، والتدفقات النقدية، على التعامل مع التوسع المدروس والمخطط له. يمكن أن يساعد إجراء دراسات الجدوى، والتخطيط للتوسع التدريجي، وضمان توفر الموارد الكافية للنمو، في تجنب التوسع المفرط أو العشوائي وسلبيات التوسع السريع.

14- عدم القدرة على التكيف
يجب أن تكون الشركات التقنية الناشئة مرنة ورشيقة ومستعدة للتكيف السريع مع ظروف الاقتصاد والسوق المتغيرة سلبيًّا أو إيجابيًّا، وتفضيلات العملاء، والتطورات التكنولوجية. إن عدم المرونة والجمود سيؤديان إلى ضياع الفرص وعدم القدرة على المنافسة. لهذا لا بد من تعزيز ثقافة وبيئة حاضنة للابتكار، وتشجيع التعلّم المستمر، والانفتاح على التغيير، مما سيعزز القدرة على التكيف والتموضع في السوق المستهدف.

15- الفشل في التعلّم من الأخطاء
الشركات التقنية الناشئة التي تفشل في تحليل أخطائها والتعلّم منها وتفادي انعكاساتها السلبية ستكررها شبه حتمًا، مما سيكون ضارًّا بنموها ونجاحها. إذ إن كل خطأ هو فرصة للتعلم والتحسين. لهذا يلزم إجراء مراجعات منتظمة، وإنشاء بيئة تعليمية، وتنفيذ تغييرات بناءً على التجارب السابقة، مما يساعد في التعلم من الأخطاء وتفاديها مستقبلًا.

16- شراكات أساسية ضعيفة
الاعتماد على شركاء ينعدم التناغم معهم أو غير مستقرين أو لا يمكن الاعتماد عليهم، أو لديهم أجندة مختلفة ولا يشاركون في رؤية الشركة، يمكن أن يؤدي إلى انتكاسات كبيرة وبالتالي فشل الشركة. لهذا من الضروري الدخول في شراكات قوية وموثوقة ستدعم نمو الشركة التقنية الناشئة وأهدافها ورؤيتها، من خلال إجراء فحص نافٍ للجهالة وشروط شراكة واضحة وتفصيلية وموثّقة، والبقاء على التواصل المستمر معهم لتقوية الشراكة لصالح مستقبل الشركة وأعمالها.

17- تغيرات السوق والمنافسة
ديناميكيات السوق وعوامله يمكن أن تتغير بسرعة؛ الشركات التقنية الناشئة التي تفشل في التكيّف مع هذه التغيرات قد تجد نفسها متأخرة عن المنافسين أو حتى خارج المنافسة. التحليل المستمر للسوق والبقاء على اطلاع بأحدث الاتجاهات في الصناعة ضروريان للبقاء كمنافسين في سوقهم الذي يمارسون نشاطهم فيه، بجانب تبنّي استراتيجية رشيقة ومرنة وتطبيقها لدعم البقاء على صلة بالسوق والمنافسة.

18- الاعتماد المفرط على عميل واحد
الاعتماد بشكل كبير على عميل واحد أو اثنين فقط للإيرادات يمثّل مخاطرة كبيرة لا تُحمَد عقباها، إذ تكون الشركة تحت رحمة العميل الأوحد في التسعير وحجم العمل، بجانب أي تغيرات سلبية لدى هذا العميل، والأسوأ تخلّيه عن منتج أو خدمة الشركة. سينتج عن هذه الأحداث تحديات مالية كبيرة وسلبية. لهذا من المهم جدًّا الحرص على الاستمرارية في تنويع وتوسيع قاعدة العملاء، والتركيز على اكتساب عملاء جدد، وتطوير مصادر إيرادات متعددة لخفض هذه المخاطر لأدنى حد ممكن.

19- حماية قانونية غير كافية
من دون حماية قانونية وتنظيمية كافية من البداية، مثل براءات الاختراع أو العلامات التجارية أو حقوق النشر أو الملكية الفكرية للبرمجة، ستكون الشركة التقنية الناشئة عرضة للمنافسة وسرقة الملكية الفكرية وخسارة حصتها من السوق المستهدف. تأمين هذه الحمايات، وإجراء مراجعات منتظمة للملكية الفكرية، وإنفاذ الحقوق القانونية، أمر ضروري وأساسي لحماية نشاط الشركة ومستقبل منتجها أو خدمتها.

20- إدارة مالية سيئة
سوء وضعف الإدارة المالية، مثل الإفراط في الإنفاق أو عدم إعداد الميزانية بشكل صحيح وواقعي، أو المبالغة في توقعات الإيرادات، سيؤدي بسرعة إلى مشكلات تدفق نقدي وعجز مدمّر لمستقبل الشركة. لهذا لا بد من التخطيط المالي الفعّال، والمراقبة المنتظمة للبيانات المالية، وتكييف الاستراتيجيات بناءً على الأداء المالي، مما سيدعم الاستدامة وازدهار نمو الشركة التقنية الناشئة.

21- عدم القدرة على التوسع
إذا لم يكن نموذج أعمال الشركة التقنية الناشئة قابلًا للتوسع، فستجد الشركة صعوبة في النمو وتلبية الطلب المتزايد. لهذا يجب أن يكون التوسع في صميم النموذج أصلًا، وهو الاعتبار الرئيسي في خطة العمل التفصيلية منذ الأيام الأولى، والذي بدونه ستفشل الشركة في تحقيق أهدافها. من المهم جدًّا أن تكون القدرة على التوسع ركيزة أساسية في خطة العمل، مما يلزم تقييم القدرة على التوسع والعمل على تحقيقها في وقت مبكر جدًّا، من خلال توظيف التقنيات والوسائل والاستراتيجيات التي تدعم التوسع، بجانب التخطيط الدقيق للنمو للتمكن من تحقيق التوسع والانتشار.

22- قيادة غير فعّالة
تلعب القيادة المتمكنة والاحترافية دورًا حيويًا في توجيه الشركة التقنية الناشئة نحو النجاح والنمو. القيادة الضعيفة يمكن أن تؤدي إلى بيئة عمل غير متحمسة ومحبطة، والعديد من القرارات المرتجلة والسيئة، وضعف في التوجيه الاستراتيجي. لهذا فإن الاستثمار في تطوير وتدريب القيادات، والحصول على الإرشاد الصحيح والتوجيه الواضح والمشورة المحترفة، سيخلق بيئة مؤسساتية إيجابية ومتجددة، مما يحسن فعالية القيادة.

23- تجاهل ملاحظات العملاء
ملاحظات العملاء لا تُقدَّر بثمن لتحسين وتطوير المنتج أو الخدمة. تجاهل هذه الملاحظات والتعليقات يمكن أن يؤدي إلى منتج أو خدمة لا تلبي احتياجات السوق، والفشل في النهاية في تحقيق الإيرادات والاستقرار المالي. لهذا لا بد من تأسيس قنوات للتواصل لاستقبال الملاحظات والاقتراحات بشكل مستمر، والإصغاء النشط للعملاء، مع إجراء التعديلات المقترحة، مما سيرفع مستوى رضى العملاء بشكل كبير.

24- صعوبة الحصول على استثمار
الحصول على الاستثمار كتمويل لأعمال الشركة ونموها من أهم الصعوبات والتحديات، وعامل فشل مشهور في منظومة شركات التقنية الناشئة. تعود أسبابه إلى بروز قوي لعوامل الفشل المذكورة أعلاه، وبالأخص سوء التخطيط المالي وعدم إدارة التدفقات النقدية بذكاء، وهو ما يتعارض مع ثقة المستثمرين الذين يدركون أهمية عدم وجود أي من عوامل الفشل أعلاه في الشركة المستهدفة لاستثمارهم. لهذا يجب الحرص على وجود الدعم المالي المستمر من المستثمرين، ودراسة خيارات التمويل المتاحة، بجانب الحرص على معالجة وتفادي عوامل الفشل باستمرار.


الخلاصة

نختم بالتذكير بمدى أهمية مراقبة ومتابعة عوامل الفشل أعلاه وتفادي أثرها على رحلة الشركات التقنية الناشئة المعقدة، لكونها غير محصنة من مواجهة العديد من هذه العوامل. يتم ذلك من خلال المراجعة المستمرة لأعمالها من الداخل ومن الخارج، وتطوير بيئة مرنة ورشيقة لديها الموارد والمهارات التي تمكنها من التكيف بسرعة مع التغيرات ومعالجة هذه العوامل في مراحل مبكرة جدًّا. كما أن الاستثمار في الموارد البشرية والمهارات يُعَدّ أمرًا بالغ الأهمية وأساسيًّا وحيويًّا لتفادي الكثير من هذه العوامل، حيث يساعد بناء فريق قوي يمتلك المهارات اللازمة لمعالجة المشكلات والعقبات بسرعة على تعزيز فرص النجاح. بالإضافة إلى ذلك، فإن تحليل البيانات واتخاذ قرارات مبنية على معلومات دقيقة يمكن أن يساعد في اتخاذ قرارات أكثر دقة وفعّالية، مما يساهم في استمرارية الشركة في بيئة الأعمال التنافسية، ويمكّن الشركات التقنية الناشئة من تجنّب الفشل وتعزيز فرص نجاحها في السوق، مما يضمن استمراريتها ونموها.

من المهم جدًّا أن يعي ويدرك المؤسسون الجدد والحاليون أن شركات التقنية الناشئة ستواجه سلسلة من التحديات المترابطة التي قد تؤدي إلى تأثير الدومينو، إذ إن حدوث أحد العوامل أعلاه قد يؤدي إلى تفعيل عوامل الفشل الأخرى، مما يُسرّع التدهور على عدة جبهات وبالتالي فشل الشركة. فعدم الاستقرار المالي يضعف ثقة المستثمرين، مما يبطئ تطوير المنتجات، ويقلل من القدرة التنافسية، ويدفع العملاء بعيدًا. ومع تعاظم هذه التأثيرات السلبية، يصبح التعافي أكثر صعوبة. وإذا لم تكن هناك خطط استباقية لمعالجة هذه المخاطر، ولم يتم التدخل بفعالية وبسرعة، فإن هذا المسار المتفاقم سيؤدي بالتالي إلى انهيار الشركة التقنية الناشئة.

ظافر القحطاني

لماذا تفشل الشركات التقنية الناشئة؟

مؤسس والرئيس التنفيذي لشركة أفلاج المال للاستثمار. مهتم برأس المال الجريء، التقنية المالية، ونمو الشركات التقنية الناشئة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى