
في حوارٍ أجرته “إنت عربي” مع الدكتورة ريما دياب، الرئيس التنفيذي لجالاكسي للتكنولوجيا، تطرّقنا إلى مستقبل الذكاء الاصطناعي وتأثيره على سوق العمل في ظل الثورة الصناعية الرابعة. فتحت د. ريما نافذةً على الدور الريادي الذي تؤديه “جالاكسي للتكنولوجيا” في تمكين الشباب وتزويدهم بالمهارات الرقمية التي تتوافق مع متطلبات العصر، وكيف يُسهم الاستثمار في التقنيات الحديثة في بناء مستقبلٍ مستدامٍ واقتصادٍ معرفي. في هذه المقابلة، نتعرّف أكثر على رؤيتها وتطلّعاتها لدعم المواهب الشابة، وأهم الإنجازات التي حقّقتها المنظمة في مسار التعليم التكنولوجي والتنمية البشرية.
هل سيكون للذكاء الاصطناعي تأثير على سوق العمل؟ وفي أي قطاعات سيكون هذا التأثير أكبر؟
من منا لا يدرك أننا نعيش في عصر الثورة الصناعية الرابعة، حيث يلعب الذكاء الاصطناعي دورًا محوريًا في تشكيل وظائف المستقبل. فهو يُعيد تعريف سوق العمل من خلال أتمتة العديد من المهام التقليدية وخلق فرص جديدة في قطاعات متنوعة مثل التعليم، والرعاية الصحية، والتكنولوجيا المالية، والإعلام، وحتى استكشاف الفضاء. ومع ذلك، يفرض هذا التغير السريع تحديات كبيرة تتطلب إعداد الأجيال القادمة بمهارات متقدمة تمكّنهم من التعامل مع التقنيات الحديثة، إذ أثبتت الدراسات وجود فجوة بين متطلبات سوق العمل ومخرجات التعليم.
ما التأثير المتوقع؟ وهل هناك دراسات معتمدة لمعرفة هذا التأثير؟
تشير الأبحاث إلى أن الذكاء الاصطناعي سيؤدي إلى تغيّرات جوهرية في سوق العمل العالمي. ووفقًا لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) لعام 2023:
- قد تختفي 85 مليون وظيفة نتيجة الأتمتة بحلول عام 2025.
- سيتم خلق 97 مليون وظيفة جديدة في المجالات المرتبطة بالتكنولوجيا، مثل تحليل البيانات، والذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء.
- سيحتاج أكثر من 50% من العاملين إلى إعادة صقل مهاراتهم بحلول عام 2025 لتلبية متطلبات سوق العمل المتغير.
كما أشار تقرير ماكينزي إلى أن الطلب على الوظائف التقنية مثل تطوير البرمجيات وتحليل البيانات سيزداد بنسبة 22% سنويًا حتى عام 2030.
ما هي أهم الوظائف التي سيكون عليها طلبٌ عالٍ في المستقبل؟
ستشهد بعض الوظائف طلبًا متزايدًا، منها:
- علماء البيانات: لتحليل البيانات الضخمة وتوظيفها في اتخاذ القرارات.
- خبراء الأمن السيبراني: لحماية الأنظمة من التهديدات الرقمية.
- مصممو الواقع الافتراضي والمعزز (VR/AR): لتطوير تجارب تفاعلية متقدمة.
- مهندسو الروبوتات: لتصميم الآلات الذكية التي تعمل جنبًا إلى جنب مع البشر.
ورغم تعدد الفرص، تبرز تحديات تتعلق باتساع فجوة المهارات، ما يتطلب تدخلًا سريعًا وفعالًا من الحكومات والمنظمات والمؤسسات والشركات الريادية.
كيف ساهمت منظمة جالاكسي في سد الفجوة في سوق العمل؟
منذ تأسيس جالاكسي للتكنولوجيا، تم تقديم نموذج ريادي لدعم الشباب من خلال التدريب وتطوير المهارات في مجالات التكنولوجيا المتقدمة. وتعمل المنظمة على سد الفجوة بين متطلبات سوق العمل الحديث وكفاءات الشباب عبر عدد من المحاور:
برامج تدريبية متقدمة
- تدريب أكثر من 4200 شاب وشابة أردنية في مجالات الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، والأمن السيبراني، والتسويق الرقمي، والتطوير البرمجي.
- إعداد الشباب للتعامل مع تحديات الأتمتة؛ إذ تشير الإحصاءات إلى أن الأشخاص الذين يكتسبون مهارات المستقبل تزيد فرص توظيفهم بنسبة 70%.
- تعزيز التعليم التكنولوجي في المناطق النائية
تسعى جالاكسي للتكنولوجيا للوصول إلى الفئات الأقل حظًا، حيث قدمت تدريبات وبرامج تعليمية في مخيمات اللاجئين، الأمر الذي ساعد النساء والشباب على اكتساب مهارات رقمية والارتباط بفرص عمل على منصات العمل الحر. وقد أدى ذلك إلى زيادة بنسبة 35% في معدلات توظيف الشباب المشاركين في هذه التدريبات. - شراكات عالمية
عقدت جالاكسي شراكات مع منظمات عالمية مثل منتدى الاقتصاد العالمي ضمن مبادرة “الإنترنت للجميع”، ومع سفارة الولايات المتحدة لتعزيز التعليم الرقمي للبنات عبر مبادرة Girls in TECH. التركيز على الاستدامة الرقمية
تقدم جالاكسي حلولًا مستدامة للتعليم الرقمي، مثل تطوير أنظمة إدارة التعلم (LMS) للاجئين. وتشير الإحصاءات إلى أن الاستثمار في التعليم التكنولوجي يرفع الناتج المحلي الإجمالي للدول بنسبة تصل إلى 3% سنويًا.
ويُجمع الخبراء على أن الذكاء الاصطناعي يمكنه زيادة إنتاجية الشركات بنسبة تصل إلى 40%، وفقًا لتقرير صادر عن PwC. كما أن الشركات التي تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي تحقق أرباحًا أعلى بنسبة تتراوح بين 20% و30% مقارنةً بالشركات التقليدية.
من خلال استراتيجياتها المبتكرة وبرامجها الطموحة، تساهم جالاكسي للتكنولوجيا في تحويل التحديات إلى فرص حقيقية، ولا تقتصر أهدافها على التدريب فحسب، بل تتعداها إلى تقديم حلول شاملة تُعزز جاهزية الشباب لدخول سوق العمل ومواكبة التطورات التكنولوجية.
ما هي رؤية د. ريما دياب فيما يتعلق بالاستثمار في الذكاء الاصطناعي والتعليم المرتبط به؟
أؤكد دائمًا، بصفتي خبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي، على أن الاستثمار في مهارات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة لم يعد خيارًا، بل بات ضرورة للتكيف مع متطلبات المستقبل. وخلال مشاركتي في مؤتمر جوجل في سويسرا، شددت على أهمية توجيه الجهود لتطوير التعليم التكنولوجي وتوفير فرص التوظيف للجميع، بهدف تمكين جيل قادر على قيادة التحول الرقمي وتحقيق التنمية المستدامة في شتى القطاعات.
إن الاستثمار في النفس أولًا، علمًا وعملًا، هو الخطوة الأولى نحو التعليم الذاتي، مع ضرورة أن يكون الهدف هو إعمار الأرض بالعلم والمعرفة من خلال توظيف التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي لخير البشرية.