الشركات الناشئة

الحفاظ على وحدة الفريق من خلال القضاء على السلوكيات المدمرة

هل سبق لك أن حضرت اجتماعًا بين فريقين، وأثناء الاجتماع، بدأ أحد أعضاء الفريق بمهاجمة عضو آخر من فريقه علنًا أمام الجميع، بما في ذلك الفريق الآخر؟ عادةً، يكون هذا السلوك السيء من أطباع أولئك الأفراد، ويعتقدون أنه يكسبهم إعجاب الآخرين. مثل هذا الامر لا يتسبب بتوتر الجو فحسب، بل يقود الى مشكلات أعمق تحتاج إلى معالجة من أجل صحة الفريق والمنشأة.

تعد الاجتماعات في مكان العمل أمرًا ضروريًا لتبادل الأفكار وحل المشكلات ومناقشة المشاريع وغيرها من الأهداف الإيجابية الأخرى ولا ينبغي أبدًا استخدامها لمهاجمة الآخرين. من الممكن جدًا أن تتعطل هذه بيئات العمل وتتأثر سلبًا بشكل كبير عندما تتم مهاجمة أحد أعضاء الفريق من قبل عضوٍ آخر أمام الجميع. مثل هذه السلوكيات لا تؤثر على الأفراد المعنيين فحسب، بل إنها تخلق بيئة سمية تقوض وحدة الفريق والمعنويات والإنتاجية.

عندما تتم مهاجمة أحد أعضاء الفريق علنًا، فإن ذلك يكسر الثقة التي تعد حجر الزاوية لأي فريق فعال. فالثقة ضرورية لتعزيز التواصل والتعاون. عندما يشعر أعضاء الفريق بعدم الأمان أو أنهم مستهدفون، فإنهم يصبحون أقل قابلية لمشاركة الأفكار والتعاون أو حتى التعبير عن رأيهم، مما يؤدي لانهيار ديناميكية الفريق. بالإضافة إلى ذلك، فإن مشاهدة أو التعرض لهذا السلوك من شانه أن يخفض المعنويات بشكل كبير مما يقود لبيئة سامة يحول فيها أعضاء الفريق تركيزهم بشكل أكبر الى تجنب الصراع، بدلاً من تحسين عملهم، مما يؤدي إلى انخفاض الرضا الوظيفي والتحفيز.

يمتد تأثير مثل هذه الهجمات إلى ما هو أبعد من الفريق الصغير. فهو يشتت الانتباه عن المهمات الرئيسية، مما يتسبب في تأخير إنجازها والتقليل من الكفاءة في اتمامها. علاوة على ذلك، إذا شهد العملاء أو الشركاء الخارجيون مثل هذا السلوك، فقد تتضرر سمعة المنظمة بشكل كبير. يشير هذا النوع من السلوك إلى نقص في الاحترافية والإدارة الفعالة، مما يتسبب في تأثيرات طويلة المدى على العلاقات التجارية والفرص.

فهم سبب تعمد بعض الأفراد مهاجمة زملائهم أمر بالغ الأهمية لمعالجة المشكلة. غالبًا ما يعتقد أولئك الأفراد أن السلوك العدواني سيكسبهم الاحترام أو الإعجاب. قد يرونه كوسيلة لإظهار القوة أو إبراز أهميتهم. ومع ذلك، فإن هذا النهج هو طريق سريع للفشل. فالاحترام والإعجاب يُكتسبان عبر القيادة الإيجابية والتعاون، وليس من خلال الترهيب ويتوجب علينا معالجة هذا المفهوم الخاطئ لنتمكن من تغيير السلوك بفعالية.

يتطلب معالجة الهجمات الداخلية التدخل الفوري والعمل على استراتيجيات طويلة الأجل من شأنها خلق بيئة عمل محترمة تبدأ بمعالجة سلوك أولئك الأفراد بشكل خاص. من المهم توضيح التأثير السلبي لأفعالهم ومحاولة تحديد سلوكياتهم بشكل مسبق. إذا استمر ذلك السلوك الخاطئ، فيمكن أن يساعد إشراك طرف ثالث محايد في النقاش في إيجاد حل جذري. فقد تسمح الوساطة بنقاش أكثر احترامًا مما يمكن الطرفين للتعبير عن آرائهم بشكل مريح والعمل نحو حل تقبله جميع الاطراف.

تعزيز ثقافة مكان العمل المحترم يعد أيضًا أمر أساسي. يساهم وضع سياسات واضحة بشأن السلوك المقبول في مكان العمل وضمان فهم جميع أعضاء الفريق للعواقب المترتبة على السلوك غير المهني في ضمان بيئة عمل صحية. يلعب القادة دورًا حاسمًا في هذا العملية من خلال نمذجة السلوك المحترم. عندما يظهر القادة الاحترافية، فإنهم يضعون المعيار للفريق بأكمله، مما يعزز أهمية التعامل المبني على الاحترام.

يمكن أن يساعد توفير التدريب والدعم أيضًا في معالجة ومنع مثل تلك الهجمات. كما يمكن أن يساعد تقديم تدريبات على حل النزاعات بين أعضاء الفريق بإمدادهم بالمهارات اللازمة للتعامل مع الخلافات بشكل بناء. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يوفر الاستشارات دعمًا للأفراد الذين يعانون من سلوكهم، مما يساعدهم على تطوير طرق أكثر صحة للتعامل مع الزملاء.

استراتيجية فعالة أخرى تتمثل في عزل الأفراد الذين يتعمدون مهاجمة الاخرين وعدم دعوتهم للاجتماعات الهامة مع الفرق الأخرى. ومع ذلك، فقد يتطلب عمل خطة مناسبة تضمن عدم التأثير السلبي لغيابهم، خصوصًا إذا كانت خبراتهم ضرورية في ذلك الاجتماع. من الممكن ان تشمل تلك الخطة جمع آرائهم قبل الاجتماع. أو طلب تقارير مكتوبة منهم، أو حتى بالقيام باجتماعات فردية معهم قبل كل اجتماع مع الفرق الأخرى حيث يمكنهم مشاركة رؤاهم دون الحضور الفعلي في الاجتماع. بالإضافة إلى ذلك، فمن الضروري العمل على وجود بديل مناسب قادر على ملئ فجوة غياب أولئك المشاكسين الامر الذي يضمن سير الاجتماع بسلاسة دون وجودهم المزعج.

هو استراتيجية مهمة أخرى تكمن في تشجيع التواصل المفتوح داخل الفريق وخلق قنوات آمنة لأعضاء الفريق لتقديم الملاحظات حول تجاربهم والإبلاغ عن المخاوف مما يضمن معالجة المشكلات فور حدوثها. تعزز النقاشات الصحية مع أعضاء الفريق في تحديد أي مشكلات مستمرة وتعزز من أهمية الاحترام المتبادل.

ختامًا، فإن معالجة قضية الهجمات الداخلية في مكان العمل أمر بالغ الأهمية من شانه المحافظة على بيئة عمل صحية ومنتجة ويكون ذلك عبر اتخاذ إجراءات فورية فور حصول مشكلة، تعزيز ثقافة الاحترام، وتوفير الدعم والتدريب اللازمين. يمكن للمنظمات منع مثل تلك السلوكيات من تقويض ديناميكيات ومعنويات الفريق. تعزيز مكان عمل صحي وتعاوني هو امر من شأنه أسعاد الجميع وضمان الرضا وظيفي بشكل أكبر مما يقود المنشأة لنجاحات أكبر.

فراس ابو السعود

أخصائي نظم هندسة البترول بخبرة تزيد عن 21 عامًا في هذا المجال. وهو حاصل على درجة بكالوريوس في الهندسة الكيميائية وشهادة الماجستير في هندسة وإدارة التشييد من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن. إلى جانب خبرته التقنية، فهو مهتم بالتصوير الفوتوغرافي والتصميم الجرافيكي والذكاء الاصطناعي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى