أفكار

تحويل الصراع إلى نجاح مشترك: التعامل مع القصفات العشوائية في مكان العمل

هل سبق وأن وجدت نفسك يومًا في موقف ينقلب فيه أحد زملائك فجأة ضدك أو ضد الآخرين سواء في اجتماع أو نقاش جماعي؟ ربما بتعليق قاس، أو معارضة قاسية لفكرتك أو عملك، أو حتى الصراخ فيك أمام زملائك؟ من الممكن أن تحرجك مثل هذه “القصفات العشوائية” وتجعلك تشعر بعدم الاحترام. لكن ماذا يمكنك أن تفعل لمعالجة هذه القصفات العشوائية ” بشكل مهني؟

لنغير الاحداث قليلاً وننتقل لسيناريو أصعب قليلًا، عادة تكون الأمور أكثر تعقيدًا عندما يأتي النقد مباشرةً من الأعلى. تخيل وصولك لمكتبك في صباح أحد الأيام، لتجد أن مديرك قد قام بإرسال بريدًا إلكترونيًا لجميع موظفي الشركة، ينتقد فيها عملك أمام الجميع. يبدأ بعدها زملائك في تجنب النظر في عينك، ويتهامسون فيما بينهم، وفجأة، تشعر وكأنك أصبحت غريبًا (أو حتى مجرمًا). تحاول أن تدافع عن نفسك، لكن مديرك يستمر في مقاطعتك، متجاهلًا مشاعرك مدعيًا أنك تبالغ في أحاسيسك. تغادر المكتب وأنت تشعر بالحرج وقلة الحافز ومحاولا التفكير في كيفية إصلاح الضرر الذي لحق بسمعتك.

للأسف، مثل هذه السيناريوهات تحدث كثيرًا في العديد من أماكن العمل ولكن بشخصيات وتفاصيل مختلفة وما يجمع بينها هو وجود “القصفات العشوائية” والتي غالبًا ما تكون من قبل رئيس أو زميل وقد تكون مدمرة، مما يخلق بيئة عمل سامة لا تؤثر فقط على الشخص المستهدف ولكن أيضًا على معنويات الفريق بأكمله وإنتاجيته وتعتبر شكل من أشكال التنمر الذي يمكن أن يؤدي إلى الاضطراب النفسي والاكتئاب والاحتراق الوظيفي، مما قد يتسبب في النهاية في استقالة الموظفين الموهوبين وترك الشركة تعاني.

من الممكن أن يكون “للقصفات العشوائية” على الموظفين تأثير كبير على التفاعل الوظيفي، مما يؤدي إلى مشاعر عدم الرضا وقلة الحافز والانفصال. فعندما يشعر الموظفون بأن جهودهم ومساهماتهم غير مقدرة أو محل تقدير، قد يقل حماسهم الوظيفي ويتراجع بذلك أدائهم. علاوة على ذلك، فمن الممكن أن تقتل القصفات العشوائية الثقة بين الموظفين أنفسهم أو حتى الإدارة، مما يخلق بيئة عمل مخيفة تعزز السلبية والنميمة والطعن في الظهر ونتيجة لذلك، قد يتجنب الموظفون التعاون مع غيرهم، ومشاركة الأفكار، أو المخاطرة، مما يؤدي في النهاية إلى انخفاض الإنتاجية والرضا الوظيفي.

 علاوة على ذلك، فم الممكن أن يتسبب الاحراج العام والسخرية في تردد الموظفين في مشاركة آرائهم أو حتى اقتراح أفكار جديدة، مما يقلل من فرص الابتكار والتقدم داخل المنظمة. لذلك، فمن الضروري للقادة أن يدركوا التأثير السلبي “للقصفات العشوائية” وأن يعتمدوا بدلاً من ذلك استراتيجيات ردود الفعل البناءة والتواصل المحترم وخلق ثقافة عمل إيجابية.

 من المهم أن نتذكر أنه (في بعض الأحيان) عندما يتحدث الناس ويختلفون أثناء الاجتماعات، فقد لا يقصدون أذية الآخرين. قد يكون الهدف هنا فقط مشاركة أفكارهم أو إظهار معرفتهم التامة بالموضوع ولكن قد تكون الطريقة التي يتحدثون بها أو يقاطعون بها الآخرين سببا في جعل زملائهم في الفريق يشعرون بالسوء أو الحرج، حتى لو لم يكن ذلك هو الهدف. مثل هذه الأمور تحدث بسبب بسيط هو عدم قدرة الجميع على مشاركة أفكارهم بطريقة لطيفة ومحترمة.

 للمساعدة في ذلك، يمكن لفرق العمل أن تتعلم معًا كيفية الاستماع جيدًا وكيفية التحدث مع بعضهم البعض بطريقة لطيفة وتعلم كيفية تقديم الملاحظات بشكل إيجابي وبدون جرح مشاعر الآخرين وأيَا تعلم كيفية الاختلاف بدون قسوة. بهذه الطريقة، يمكن للجميع مشاركة أفكارهم وآرائهم دون التسبب في إقصاء أي شخص أو إحراجه.  بإمكاننا تحسين بيئة العملة عن طريق النظر إلى الأمور بهذه الطريقة فالأمر هنا يتعلق بنشر ثقافة حرية التعبير ولكن ضمن حدود الأدب والاحترام مما يساعد الجميع على العمل بشكل أفضل ويجعل من بيئة العمل مكانًا أجمل للجميع.

 يمكن للشركات منع القصفات العشوائية وتعزيز بيئة عمل إيجابية من خلال إنشاء ثقافة الاحترام والتعاطف والشمولية، حيث يشعر الجميع بالتقدير والدعم. يمكن للقادة أن تمهد الطريق لذلك من خلال ممارسة الاستماع الفعال، وتقديم ردود الفعل البناءة، وتشجيع التواصل المفتوح. كما يمكن أيضًا أن تساعد برامج التدريب الموظفين على تطوير عادات التواصل الصحية ومهارات حل النزاعات.

 يبدأ الأمر بالتعرف على الضرر الذي يمكن أن تفرضه القصفات العشوائية وبذل بعض الجهد لإنشاء مساحة آمنة يمكن من خلالها ضمان نمو الجميع. من خلال القيام بذلك، فلن يقتصر الأمر على توفير الملايين في تكاليف استبال الموظفين ولكن أيضًا بناء أساس قوي للنجاح. تخيل الآن أن تصل لمكتبك بينما يغمرك شعور بالحماس والدافع والرغبة في المساهمة في فريق داعم يقدر مساهماتك – نعم لقد حان الوقت لجعل هذه الرؤية حقيقة واقعة.

فراس ابو السعود

أخصائي نظم هندسة البترول بخبرة تزيد عن 21 عامًا في هذا المجال. وهو حاصل على درجة بكالوريوس في الهندسة الكيميائية وشهادة الماجستير في هندسة وإدارة التشييد من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن. إلى جانب خبرته التقنية، فهو مهتم بالتصوير الفوتوغرافي والتصميم الجرافيكي والذكاء الاصطناعي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى